السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قواعد السعادة العشرة للدكتور احمد نايل الغرير .
السعادة مكون انفعالي يتمثل في الشعور بالبهجة و الاستمتاع والسرور واللذة.. ومكون معرفي سلوكي يتبدى في التعبير عن الرضى في جوانب الحياة المختلفة .. ومكون صحي يتبدى في الصحة السليمة الجسمية منها والنفسية ولعقلية هي السبب و النتيجة للسعادة .
الله سبحانه و تعالى خلق الإنسان في أحسن صورة و خلق الناس ليتعارفوا "إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ اتقاكم" , وهذه التقوى قمة السعادة .. والسعادة عند الخلق المؤمنين والصالحين العاملين لله ولرسوله الموحدين بالله لا يشركون به أبدا هم الأكثر سعادة في الدنيا والآخرة يقول تعالى " وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ" .
وحتى تتحقق للإنسان السعادة فانه لابد أن يسير نحوها خطوة خطوة .. وان تكون نابعة من داخلة فالسعادة الداخلية هي البناء للسعادة الخارجية وبدون صفاء ونقاء الداخل لا يمكن للخارج أن يكون كذلك فإشراقة الوجه وطلته البهية اكبر معبر عن السعادة الداخلية.
(الخطوة الأولى) التغيير إلى الأفضل كطريق إلى السعادة..
لا بد من تنسيق أسلوب الحياة وهذا يتمثل في السعي إلى المحافظة على صحة الجسم و النفس والعقل وتنمية الجوانب الإنمائية الذاتية منها والخارجية بشكل سليم.. مبتعدين عن الفوضى والارتباك وان ننقي علاقاتنا ومشاعرنا وأحاسيسنا وننمي عادات صحية مع شركائنا في الحياة من زوج أو ابن أو ابنة .. و أن لا ننتظر من الأيام أن تجود علينا بل نعمل ما هو مطلوب منا ونحيا الآن كما نحن ونعيش يومنا ولا ننتظر الغد الأفضل بل نسعى إلى تغيير حياتنا إلى الأفضل،فكم سعت النعم إلينا ودفعناها بعيدا بظلمنا لأنفسنا وجهلنا بتفكيرنا.. الله الله لقوله تعالى" إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ " (الرعد الايه11) .
(الخطوة الثانية) استغلال قدراتنا ..
تعني الأيمان بقدراتنا النفسية والجسمية والعقلية لمواصلة الحياة.. وهذا يتمثل في إطلاق مكونناتنا وقدراتنا الكامنة وأن لا ننتظر الآخرين لتقييمنا، بل نسأل أنفسنا ونقيم قدراتنا ونواصل بناء منهج حياتنا ونقارن إنجازاتنا ونتجاوز أخطاءنا.. ونؤمن جيدا بان قدراتنا ضمن طاقاتنا وإمكانياتنا التي تعلًي من مقامنا.. وتتحول إلى قوة في حياتنا وتعطيها معنى وطمأنينة وراحة.
تقول م:أحاول دائما أن أتعلم وأطور في مهاراتي واحتاج دائما إلى التدريب.
(الخطوة الثالثة) تقويم أخلاقنا..
هي أن نجعل الأخلاق أساس انطلاقنا وعنوان حياتنا وهذا يتمثل في أن نحمي أنفسنا ونصون جوانب أرادتنا بسلامة أعمالنا وصدق مشاعرنا ونبل تعاملنا.. بعيدا عن الخطأ والتشكيك وان نحقق في سلوكنا وندقق في أفكارنا ونحدد ما هو مطلوب منا لنجاح حياتنا وصفاء نبعنا ونقاء سريرتنا .
أن ينصب اهتمامنا في زيادة علمنا وإيماننا مع تواضعنا وتراحمنا .. مما يشكل علامة في سعادتنا وفلاحنا .. كذلك عندما تزداد أموالنا يزيد بذلنا وسخائنا.. وكلما ارتقينا وزادت وجاهتنا يزداد مع الناس قربنا وتواضعنا .. إنها معادلة جميلة لتحقيق سعادتنا .. قال الله تعالى عن نبيه سليمان لما رأى عرش بلقيس عنده "قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ" النمل(40) وقال تعالى" وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ" الأنعام(153) ويقول الرسول(صلعم) "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" .
(الخطوة الرابعة) أن نبدأ بالأولويات في حياتنا..
لتحقيق سعادتنا هي أن ندقق في أواويات حياتنا وهذا يتمثل بان نبدأ بالأشياء ذات الأولوية ثم الثانوية وان نعمل من اجل الأساسيات في حياتنا بعيدا عن الهوامش واخذ الأهم منها وان نحدد إطارنا الحقيقي لمعرفة ماذا نريد حقيقة من اجل عيشنا
يقول تعالى" يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ" الأعراف(26)
(الخطوة الخامسة) أن نبدأ بتقدير علاقاتنا الخاصة..
تقدير حياتنا الخاصة والأسرية والزوجية وهذا يتمثل في أن السعادة في علاقاتنا تنمو بشكل إيجابي ولن تدوم ما دمنا غير قادرين على إسعاد أنفسنا فالأساس أن نسعد أنفسنا وننتقل في سعادتنا إلى إسعاد شركائنا من أبنائنا و أهلنا و أقربائنا و أصدقائنا فالحياة بإشراك طرف من أطراف سعادتنا تعكس مدى ارتباطنا في علاقاتنا مع شركائنا .
قال تعالى " أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ"البقرة(44)
وقول الرسول "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"
(الخطوة السادسة) نعمل على تبديد شكوكنا ومخاوفنا..
تعني أن نتغلب على خوفنا من المجهول، أننا نعيش في دوامة الخوف من الأشياء المجهولة لنا..الخوف من الأقدام على شيء ما..الخوف من الخسارة .. الخوف من فقدان ما اكتسبناه وللسيطرة على مخاوفنا لا بد لنا من أن نقول لأنفسنا أن لا أحد يستطيع أن يخيفنا وأن نواجه الأشياء التي نخافها وان نحلل الخوف، و نفكر بأسوأ الأشياء التي يمكن أن تحدث لنا، وان نوصل الخوف فينا إلى أدنى درجة، وان نستمع إلى الخوف في أعماقنا، ونطرده من أنفسنا ومن تفكيرنا. قال تعالى"يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ" النمل(10) . وقال تعالى "يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ" القصص(31)وقوله عليه السلام " استعن بالله ولا تعجز"
(الخطوة السابعة) أن نعمل من أجل النجاح والإنجاز ..
إن النجاح مهمة ذاتية في حياتنا نسعى إلى تحقيقها ويتمثل ذلك في أن لكل مجتهد نصيب والاجتهاد والإبداع والارتقاء في تعلم الأشياء يوجب نجاحنا و تقدمنا في حياتنا وان إنجازاتنا الكبيرة لم ينجزها متذمرون وواهنون بل أشخاص قادرون و فاعلون ومنجزون و عظام . . وقال تعالى" وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ"العنكبوت(69)
(الخطوة الثامنة) أن نعزز توافقنا في حياتنا..
هي أن نعشق الحياة ونشبع رغباتنا فالحياة بدون تحقيق رغباتنا وعشق حياتنا خواء ولا معنى لها إذ أن الغالبية من الناس لا تحقق رغباتها ولا تشبع حاجاتها.. فمطلوب إذا أن نحب بعضنا ونعطف على بعضنا ونعزز من توافقنا مع أنفسنا ومجتمعنا وان ننفتح على داخلنا وعالمنا لنحقق ذواتنا ونبني شخصيتنا ونعلي من شان أوطاننا وامتنا وأننا من نقرر أفعالنا لتحقيق أهدافنا وطموحاتنا ورغباتنا وإشباع حاجاتنا.
يقول تعالى " زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء والبنيين وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ"آل عمران(14)
(الخطوة التاسعة) أن تكون قناعتنا عنوان حياتنا..
هي أن نقتنع بتصورنا لواقعنا ورضانا عن شخصيتنا (فالقناعة كنز لا يفنى) وهذا يتمثل في بساطة تصور حياة سعيدة لنا ولمن حولنا… وان تحقيق ذلك يتوقف على مدى قدرتنا على مواجهة واقعنا وحل مشاكلنا وأحداث التغيير في توجهاتنا فالتفكير.. مجرد التفكير في ذلك يجعل رؤيتنا أفضل ويحفزنا في الاستمتاع بواقع حياتنا والترفيه عن أنفسنا والوصول إلى مرادنا.
يقول تعالى لا يتخذ بعضكم لبعض سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون
وقوله تعالى " لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ " إبراهيم (7)فهذا من السعادة.
(الخطوة العاشرة) أن نؤمن بالموت كأيماننا بحياتنا.
أيماننا بنهايتنا كما أيماننا ببدايتنا فالموت و الميلاد وجهان للحياة بداية و نهاية . سؤالان كبيران فمهما طال العمر فالموت هو الأمر النافذ والمحتوم ولا هروب منه ..يوم تلتف الساق بالساق.. فهذا جانب مهم للتفكير بأن الحياة هي دار ممر و الآخرة هي دار مقر أبدية وخلود ..... ها هو الشاعر يردد :
فاقرأ السلام على الحياة فإنها
قد آذنتك بسرعة التوديع
فلا بد من نهاية : وهنا لا بد من العودة إلى الماضي و الخلو مع النفس والنظر إلى نهاية الحياة .. .. إنها السعادة بان تعرف البداية و النهاية ... حين ما تتنفس أجسادنا بدل أن نفرض عليها هدمها .. و تتبخر أنفاسنا من ذواتنا لتخرج همومنا وغبارنا .. ونخرج السموم من وجداننا والدمامل من أجسادنا لنحقق أقصى درجات إسعادنا .. .. فلدغة الأفعى تسير في الدم سموماً تخرجها أرادتنا وصبرنا وعزيمتنا .... وهذا يعيد لنا اعتبارنا لأننا أمة نحيا ونموت من اجل غاية سامية و نبيلة.. لا يدرك حقيقتها إلا من يتفاعل معها ويندمج في روحها. يقول تعالى " كل نفس ذائقة الموت " وقوله تعالى وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا"مريم(71)
هذه هي خطواتنا نسير بها و معها وأليها من اجل أن نحيا بسعادة ... فالإنسان مهما عاش لن يحيا حياة سعيدة هانئة بدون الآخرين .. فالعمل والشركاء والجماعات وعضوية الفرد في هذه الأنشطة سبيل إلى السعادة .
.. وإن ما يمنعنا عن تحقيق السعادة قلة صبرنا وضعف ثقتنا بأنفسنا وجهلنا بإمكاناتنا من وحي ذواتنا .... وان ما يعيدنا إلى تحقيق سعادتنا ونجاح مشروعاتنا هو إعادة رسم إطار لحياتنا وإن نقنع أنفسنا بقدراتنا وان نفكر بعمق في معان حياتنا وأن نخطط لمستقبلنا .
حينها نعطي معنى لحياتنا و نمارس حريتنا ونعزز ثقتنا بأنفسنا ونعطي أنفسنا الوقت الكافي لإنجازاتنا ونقرر بان نحمي أنفسنا لبقاء سعادتنا ... والله ننشد أن يسعدنا في حياتنا ومماتنا ويوم العرض علية انه لعلي قدير.. ووالله لن يصيبنا إلا ما كتب الله علينا ...
--